Alayyam - الأيام

ذكريات بيروتية، "معلّل بيعلك" ،وطلعة النويري / الأستاذ عبد الحميد سنّو.

ذكريات بيروتية، "معلّل بيعلك" ،وطلعة النويري / الأستاذ عبد الحميد سنّو


 2099 | | | Admin



ايام طفولتي وشقاوة الطفولة تشدني اليها مجددا . كلما اشتعل الرأس شيبا وتقدمت بالسن ، شيء ما يجذبني اليها . هي فطرة الإنسان الذي فطره الله عليها . كلما تقدمنا سنًا زاد وهج الماضي في أعماقنا ، فتتحرك المشاعر ويمر شريط الذكريات ، فيلم طويل قمنا بتمثيله وتقمصه وادى كل طفل فينا دوره ، وكلما تجولنا في زوايا المنطقة وراينا أسوار بيت العدو وسور كرم بيت علاء الدين وأسوار بيت البعلبكي وبيت خليل سلام ، شيء ما يجعلنا نغص ونتحسر ونتذكر .
انه الحنين الى زمن جميل افتقدناه ولم نعد قادرين ان نعود اليه ميكانيكيًا . انا انتظر معجزة من السماء او آلة تعود بنا الى الوراء خمسين عاما ، فان وفقت في هذا ، احلف لكم اغلظ الإيمان انني لن أغادر كرم الزيتون والنويري والبسطا وبرج ابي حيدر الا الى الباشورة ، حينها سأطل من نعشي وأمتع نظري برؤية دكان ابو محمود ومحمد نصيف وزكور المصري ، ومدرسة العلماوي ، ودكان السيد ، وإسطبل الخيل ، ومقشش الكراسي ، ودكان يوسف غريب ، وابو سليم .
كنا نشتهي المعلل بيعلك في ماضي طفولتنا ،تفاحة جميلة مكسوة بحلوى السكر الأحمر . يباع في الأحياء على صواني فضية اللون . كنا نجمع عيدان البوظة من الشوارع فاذا بلغ عددها الألف قصدنا بيت امرأة سمينة الجسد تسكن في طلعة النويري نسلمها العيدان لشك التفاح فتعطينا واحدة مجانا وكنت اتخير الأكبر حجما , العق بها الى ماشاء الله حتى تعود التفاحة الى لونها الطبيعي . وهكذا يفعل كل طفل فينا ، فاذا ما حل موسم المشمش نجمع نواه ونصنع من اللوز بندقية تعدها لنا ام احمد سكر رحمه الله فتضيف القطر المحلى وتوزعها على الجميع بعد عصر يوم شاق . كل يوم لنا فيه شان. في الصيف غير الشتاء والربيع غير كل الفصول . شتاء كنا نهرب من المطر ونختبئ تحت السنديانة ، نصنع بيوتا من كرتون , من أعواد السيسكون واكواز الصنوبر نوقد نارًا . نتلطى خلف الأغصان ونصطاد الدوري بالنقيفة ، وقضبان الدبق ، وما ان نشم رائحة خبز المرقوق القادم مع سحاب الخريف حتى نهرع الى بورة بيت علاء الدين فننال نصيبنا منه . لا حدود بيننا في كرم الزيتون ، الجميع متساوون في الأخلاق والكرم والوفاء.
الأستاذ عبد الحميد سنو
المصدر : جمعية تراث بيروت

بيروت-الطقس