Alayyam - الأيام

يوسف هزيمة في مجموعته «شمس الأستاذ إيمان» كتب ببساطة وعمق وصدق فتوهّج...

يوسف هزيمة في مجموعته «شمس الأستاذ إيمان» كتب ببساطة وعمق وصدق فتوهّج..


 1398 | | | Admin



كتَبَ نزار سيف الدين :
حين تقرأ المجموعة القصصية ليوسف هزيمة «شمس الأستاذ إيمان» وهي إصداره الأول تستوقفك بادئ ذي بدء اللغة والتعابير الجميلة إلى جانب الأسلوب المميّز والإضاءات اللافتة، كما يستوقفك توهّجه وتحليقه المستمر في فضاءات ناعمة وشفافة.. وهذا يعني التقاط اللمحات والإمساك بأعمق الهمسات، ويعني أيضاً الرحلة في عالم قصصه حيث يفتح كاتبنا نافذة على ذكريات مضت.. قال أحدهم مرة: «أن تكتب ببساطة وعمق، ذلك ليس هيّناً» وهذا ما ميّز كاتبنا منذ قصته الأولى «الجنود في رأس الظهر ثمَّ إسبريدون»، حيث تسيطر البساطة والوضوح والصدق وهي ميزات أكسبت نصوصه شفافية، بلورها السرد القصصي الذي تحوّل أحياناً إلى تأريخ وقائع عاشها الجنوب وإنسانه، يستنطق الذات في سرد الأخبار والحكايات وكأني بها محاولة لمعاودة فهم الوجود وتلك العلاقات التي ربطته بالمجتمع والعالم.. صفات يقطر منها الحنين وهي جزء من حياة مؤلفنا التي ترتبط بتاريخ إمتدّ مع بداية الثورة الفلسطينية مروراً بالحرب الأهلية وحتى الآن.. حكى ورسم وصوّر تاريخ منطقة وناسها ومتغيّرات تشبه ما نعيشه الآن مع اختلاف الأسماء والأهداف، في الشكل وفي المضمون.. عن الجنوب حدّثنا، ملاعب صباه جعل قصصه المتنوّعة وان كان البارز فيها التعليم والمدرسة والجامعة وقصص المعلمين وقضاياهم، وهو كان واضعاً منذ البداية هدفاً فاستنطق الأمكنة التي سمّاها ووصفها ووصف أهلها ووصف نفسه ووصف التفاصيل التي تشمل شريحة كبيرة من النّاس، خاصة عالم المعلمين الجميل والكل سيحسب نفسه المعني بالوصف والكلام والأفعال، لأنه يحكي بلسانهم جميعاً موضحاً الأوضاع الاجتماعية وان حاذر الاقتراب من السياسة المحلية.. لا أدري لماذا؟ رغم أن الفترة الزمنية تلك كانت حُبلى بمتغيّرات كبيرة، وان كاتبنا استحضر مناخ الاضطرابات المتنوّعة التي عايشها.. ومن الواضح أن السرد تنامى فأعطى الكاتب عناية للواقع الاجتماعي الذي أغنى نصوصه خاصة في انتقال أبطاله إلى أوروبا حيث ينقلنا من عالم القرية وطقوسها وعاداتها وبساطة وطيبة إنسانها إلى عالم مختلف وما بينهما بيروت وحربها.. ومما لا شك فيه أن قصة «في مطار لندن» الجميلة تحكي عن الغربة والتمزّق العائلي الذي سبّبته الحرب فيرسم على شفاهنا تأوهات عجنها زمن المرارة.. وتجعل الإنسان يعرف أو يكتشف الحقائق التي تناديه والألم الذي سببته صراعات ومتغيّرات لا شأن له بها حيث يتكلم الصمت، فإذا الأسى الموزع باتقان على الوجوه الباحثة عن خيط من نور نسي الليل أن يعبّئه في خزانته السوداء، قد أفلت ليرسم بالأيدي المرفوعة في وجه الظلام..
مجموعة يوسف هزيمة «شمس الأستاذ إيمان» تحتوي على سبع عشرة قصة مستمدّة من الواقع، بعضها حقيقي وبعضها الآخر من نسج الخيال لكن له أساساً في الواقع المعيش.. الشخصيات ليست بالضرورة حقيقية كما قال المؤلف لكنها تفتقد وجود المرأة.. تفتقد رومانسية محبّبة، لا أدري سبباً لهذا الجفاف العاطفي يا يوسف! ولكنها أسعدتني أيّما سعادة لأن مؤلفها أحد تلاميذي المميّزين وهو كذلك..
نزار سيف الدين. كاتب وروائي
المصدر :جريدة اللواء

بيروت-الطقس