هل نجح "الثنائي" في افشال "الانقلاب"؟ ساعات حاسمة أمام مصطفى أديب
سقوط الرهانات...
فبعد ساعات من التهويل حيال اتجاه الرئيس المكلف مصطفى اديب لتقديم مسوّدة الحكومة الى رئيس الجمهورية ميشال عون خلال زيارته امس قصر بعبدا، خرج بعد اللقاء الذي دام 45 دقيقة معلنا ان الجلسة كانت لمزيد من التشاور. ووفقا للمعلومات، ثمة قناعة بدأت تتولد لدى القوى الدافعة للتشكيل، بأن ولادة حكومة تحد او مواجهة، لن يكتب لها النجاح، وموقف "الثنائي الشيعي" بعدم المشاركة في الحكومة، حمل تحذيرا واضحا باحتمال عدم تجاوزها امتحان "الثقة" في البرلمان، واذا تشكلت ستكون عاجزة، والرهان على ان رئيس الجمهورية بات ملتزماً بالتوقيع على التشكيلة الحكومية التي سيقدّمها اديب، بعد التزام جبران باسيل بالمبادرة الفرنسية، آخذاً مسافة من الثنائي الشيعي، لم يعد رهاناً في مكانه، ولذلك سيسعى اديب الى التوصل الى صيغة وسطية في شأن حقيبة المال التي يتمسك بها "الثنائي"، واذا لم تنجح المحاولة فإنه سيضطر الى "الاعتكاف" وتحميل المعرقلين النتائج السلبية امام اللبنانيين والخارج.
تغيير جوهري في مقاربة اديب؟
في المقابل، ووسط تتضارب في المعلومات حول مسار التطور الحكومي، علمت "الديار" ان تغييرا جوهريا سيطرأ على مقاربة اديب الحكومية من خلال تشغيل محركاته للتواصل مع مكونات الاغلبية النيابية، وبعد اتصاله بالنائب جبران باسيل، سيحصل التواصل مع "الثنائي الشيعي" للتعاون في ايصال الحكومة الى "بر الامان" وعلى قاعدة تثبيت وزارة المال للشيعة، على ان يتولى رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالتنسيق مع حزب الله، تقديم لائحة تضم 3اسماء للحقيبة يختار منها اديب، مع الانفتاح على تقديم اسماء جديدة ما لم يتم التوافق على تلك الاسماء، ومن المتوقع ان تتبلور هذه الصيغة في الساعات القليلة المقبلة، بعدما اقتنعت باريس بصعوبة تجاوز "العقدة" الشيعية، وباتت اكثر مرونة في هامش الوقت مع تمديد مهلة التشكيل عدة ايام.
وقد لخصت اوساط سياسية بارزة في "الثنائي الشيعي" ما حصل خلال الساعات الماضية، بأنه فشل للانقلاب على المقاومة، وتأكيد ان التهويل والتهديد لا "ينفع"، والتعاون هو الطريق الصحيح لانقاذ البلاد من ازمتها الاقتصادية الخانقة بعيدا في الحسابات السياسية الضيقة ومحاولات استغلال الفرص لاضعاف مكون اساسي في البلد.
تشدد "الثنائي" في المداورة
وتشير اوساط "الثنائي" الى ان حركة امل وحزب الله يعملان على انجاح المبادرة الفرنسية ومستعدان للتعاون والتسهيل، لكن ما يقوم به الاخرون هو افشال للمبادرة، واذا كانوا صادقين في دعمهم لهذه المبادرة ويريدون انجاحها، فما عليهم الا مراعاة التوازنات السياسية وعدم تجاوز مكون اساسي في البلد، واذا كان ثمة من يريد المداورة فلتكن المداورة شاملة في كل المواقع ومن دون استثناء، فلا الدستور ولا الطائف ينصّان على تحديد مواقع معينة لأي طائفة، لا على مستوى الرئاسات الثلاث، ولا على مستوى اي من وظائف الفئة الاولى الادارية والامنية والقضائية.وفي هذا الاطار، ساد الارتياح بالامس في عين التينة بعدما تجنب اديب حمل تشكيلة حكومية غير متفق عليها الى بعبدا ، ما يعني ان كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري فعل فعله...
هل يسحب "الغطاء السني"؟
من جهتها، ترفض مصادر "المستقبل" تحميل الرئيس سعد الحريري مسؤولية التشدد في مواجهة "الثنائي الشيعي"، وتلفت الى ان رؤساء الحكومات السابقين تلقفوا المبادرة الفرنسية وتعاملوا بإيجابية معها، ومصطفى اديب ليس محسوباً عليهم، وهم لم يضعوا اي شرط انطلاقا من دقة المرحلة، وانطلاقا من هنا يؤيد الحريري معادلة خروج كل القوى الموجودة في السلطة من الحكم لفترة قصيرة. ووفقا لتلك الاوساط، في حال سقطت المبادرة الفرنسية، فإن الغطاء السني الذي منح للرئيس اديب لن يمنح لاي شخصية اخرى.
باريس تدخل على "الخط"
وبانتظار الترجمة العملية لهذه الخلاصة الواقعية للتطورات، وبانتظار تجاوز "شياطين" التفاصيل، دخلت باريس علنا على خط التشكيل ودعت القوى السياسية اللبنانية التي ايدت تشكيل حكومة سريعاً الى ترجمة هذا التعهّد إلى أفعال من دون تأخير، وأشارت الخارجية الفرنسية الى ان الرئيس ماكرون دعا قادة الأحزاب الذين التقاهم في قصر الصنوبر الى الالتزام بما تعهدوا به أمامه من تسهيل لولادة الحكومة، وقد صدر الموقف الفرنسي بعدما تراجع اديب عن حمل مسودة رسمية للحكومة الى بعبدا، اختار "التريث" بالاستناد الى المهلة "الماكرونية"، وحلّت محلها جولة مشاورات رئاسية اضافية مع رؤساء الكتل النيابية، والسؤال يبقى لماذا تولى الرئيس عون مهمة يجب ان تكون من مهام الرئيس المكلف؟ ولماذا "يكبل" اديب نفسه بقواعد غير مسبوقة تجعله اسيرا لمواقف واجراءات لن تؤدي الا لبقائه رئيسا مكلفا عاجزا عن التشكيل؟
هل من "صيغة جاهزة"؟
وفي وقت باشر رئيس الجمهورية بعد ظهر امس مشاورات مع رؤساء الكتل النيابية تنتهي اليوم حول التطورات الحكومية لتقريب وجهات النظر، تضاربت المعلومات حول قيام الرئيس المكلف بتقديم صيغة حكومية، غير رسمية، ففيما اشارت بعض المصادر انه لم يجر الحديث عن اي صيغة، اشارت مصادر سياسية مطلعة الى ان اديب اطلع عون على تصور غير رسمي لحكومة من 14 وزيرا، وابلغه ان المشكلة الرئيسية تكمن في حقيبة المال، وعندما ساله رئيس الجمهورية عن عدم قيامه بالتواصل مع "الثنائي الشيعي" لتذليل هذه العقبة، لم يقدم اديب اي جواب واضح متحدثا عن مقاربة جديدة يريد ان يكرسها في تشكيل حكومته، عندها ابلغه رئيس الجمهورية انه سيتولى بنفسه القيام بجولة استشارات نيابية، ناصحا اياه بتغيير مقاربته لانتاج حكومة قادرة على تنفيذ الاصلاحات.
عون يطرح 3 اسئلة؟
وفي هذا السياق، اكدت اوساط نيابية ان رئيس الجمهورية طرح 3 اسئلة على رؤساء الكتل الذين استقبلهم في بعبدا امس، وتمحورت حول رأيهم في المداورة في الحقائب، وعدد الوزراء طارحا عليهم صيغة الـ14 وزيرا، والسؤال الثالث عن موافقتهم ان يسمي رئيس الحكومة عنهم الوزراء المحسوبين عليهم سياسيا، وقد كانت حصيلة اليوم الاول من المشاورات واضحة، وعدا ممثل كتلة المستقبل النائب سمير الجسر، ثمة اجماع لدى من التقاهم عون على رفض المداورة والتمسك بحقهم بتسمية الوزراء، كما فضلوا حكومة موسعة يكون فيها لكل وزير حقيبة، وذلك للحفاظ على اعلى مستوى من الانتاجية، وقد استقبل الرئيس عون النائب فريد الخازن ممثلا "التكتل الوطني"، رئيس "الكتلة القومية الاجتماعية" النائب أسعد حردان، النائب فيصل كرامي ممثلا "اللقاء التشاوري"، رئيس تكتل "لبنان القوي" النائب جبران باسيل، النائب سمير الجسر ممثلا كتلة "المستقبل"، وفيما يقاطع نواب اللقاء الديموقراطي، والجمهورية القوية، الاستشارات، من المقرر ان يلتقي الرئيس عون اليوم من يمثل كتلة الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير. وفي السياق رفع رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان من سقف المطالب وغرد عبر حسابه على "تويتر": قائلا إذا اعتمد مبدأ المداورة في توزيع الحقائب إضافة إلى معيار الكفاءة كما يدّعون، فيصبح بديهياً إعطاء الدروز حقيبة سيادية وفقاً للمعايير المطروحة". وتابع: "وهنا على الأشباح المولجين بالتأليف استدراك الأمر. وبالمناسبة لن نعترف بأعراف تبقي طائفة الموحدين المؤسسة للكيان خارج الحقائب السيادية".
المصدر :جريدة الديار
- علامات:
- مجتمع