لبنى القرطبية.. كيف انتقلت من جارية للخليفة إلى خطاطة للأندلس؟/ جريدة الأيام الإلكترونية
لم ترض لبنى القرطبية بحياة الجواري، فكانت ملكاتُها ومواهبُها سبيلَها للعتق والحرية. فانكبت على التعلم والمعرفة وإجادة الخط حتى أصبحت الكاتبة "المدونة" الخاصة للمستنصر بالله.
وذكر في كتاب "المرأة في المجتمع الأندلسي" للكاتبة الدكتورة راوية عبد الحميد شافع أن المستنصر كان له من دون أمراء بني أمية اهتمام خاص بالعلوم، ووجد في المرأة خير معين له على نقل ونسخ أُمّات الكتب ليضعها في مكتبته الخاصة، وكانت لبنى أول شخصية تُوكل لها تلك المهمة، وكتب عنها المؤرخ الأندلسي ابن عبد الملك المراكشي "من خلال تلك الشخصية نرى مدى تنوع مواهب المرأة وعلومها في شتى المجالات، ويمكن أن نطلق عليها بلغة عصرنا الحالي مديرة مكتبه وعقلية موسوعية في المجال العلمي".
بدأت لبنى العمل كاتبة تنسخ الكتب في مكتبة الخليفة الحكم الثاني من سنة 350 إلى 366 هجرية، وقد ضمت مكتبته في ذلك الحين 400 ألف مجلد، وبلغت فهارس مقتنيات المكتبة 44 فهرسا.
واعتمد الخليفة لإثراء مكتبته على شراء الكتب وقبولها كهدايا أو وقف أو تركات وكذلك نسخ الكتب، حيث ضمت المكتبة أقساما عديدة لنسخ الكتب، وأخرى للمراجعة يراجع فيها صفوة علماء اللغة ما خطه الناسخون، إضافة إلى أقسام الترجمة والتجليد والفهرسة.
استطاعت لبنى بدقتها وبراعتها غير المتناهية وجودة خطها أن تلفت الأنظار إليها، فوضع الخليفة ثقته فيها، وعينها كاتبته الخاصة، تدون وثائق الدولة الرسمية ورسائلها، وتحوز على ثقته واهتمامه.
ولم تكن لبنى مجرد ناسخة للكتب، بل كانت تضيف من علمها وتعلق على ما تخط من كتب، فجعلها الخليفة مسؤولة شؤون مكتبه.
كانت لبنى عدا عن كونها خطاطة، عالمة بالنجوم ونظم الشعر وعلم العروض، وترجمت العديد من النصوص اليونانية التاريخية، كما نبغت في الحساب والمعادلات الرياضية.
توفيت في العام 948 ميلادي
المصدر : مواقع إلكترونية - جريدة الأيام الإلكترونية - الجزيرة نت