ماذا قال الرئيس عون في اجتماعه مع سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن؟
"منذ اثنين وأربعين عاما، تقوم شراكة حقيقية بين لبنان والأمم المتحدة عبر تواجد قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (اليونيفيل) بضباطها وعناصرها الذين يأتون من 45 دولة صديقة نقدر مساهمتها فيها، حيث ترافق وتدعم القوات المسلحة اللبنانية في أثناء انتشارها في جميع أرجاء الجنوب بالإضافة الى مساعدة الحكومة اللبنانية - بناء على طلبها - في تأمين حدودها الجنوبية. ونستذكر اليوم عشرات الشهداء من هذه القوة سقطوا في ظروف مختلفة على الأرض اللبنانية في سبيل خدمة رسالتها النبيلة الرامية الى إعادة السلام والأمن الدوليين.
تتجلى هذه الشراكة بتعاون وثيق ودائم بين الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل بكل مكوناتها منذ بداياتها عام 1978 حتى تاريخه، حيث هناك، اضافة الى الدوريات المشتركة اليومية، عمليات ازالة ألغام، ومناورات عسكرية مشتركة. ومنذ عام 2006 تقوم قوة اليونيفيل البحرية - وهي الأولى من نوعها في تاريخ بعثات الأمم المتحدة - بتدريبات مشتركة مع القوات البحرية اللبنانية، وتساعد الجيش اللبناني في تطوير قدراته وتجهيز القوات البحرية والفوج النموذجي لتنفيذ القرار 1701. كما تنفذ اليونيفيل مشاريع اجتماعية وتربوية وثقافية وصحية على المستوى المحلي بالتعاون مع البلديات تعود بالفائدة على أهالي المنطقة.
وتعنى اليونيفيل أيضا بشق أساسي هو متابعة ترسيم الخط الأزرق، وتستضيف قيادتها اللقاءات العسكرية ضمن الآلية الثلاثية التي تساهم في تخفيف حدة التوترات ومعالجة أي مسائل طارئة على الحدود.
وبفضل هذه الشراكة القائمة بين الجيش اللبناني واليونيفيل، ينعم الجنوب منذ أربعة عشر عاما بهدوء فريد في منطقة تعج بالصراعات والحروب. وتعتبر اليونيفيل من البعثات النموذجية التي يحتذى بها على صعيد قوات حفظ السلام الدولية.
لقد أكدت الحكومة في بيانها الوزاري على التزام لبنان بالقرار 1701 وعلى دعم قوات الطوارئ الدولية في الجنوب، من هنا أشدد على أهمية استمرار وتعزيز الشراكة بين اليونيفيل والجيش اللبناني وعلى الدور الذي تلعبه اليونيفيل في رصد الخروقات الاسرائيلية اليومية الجوية والبرية والبحرية، ونقل بيانات مفصلة عنها الى مجلس الأمن الدولي لتبيان خرق اسرائيل المتمادي للقرار 1701، وما تقوم به من خرق للأجواء اللبنانية لقصف الأراضي السورية.
أصحاب السعادة، ينص الدستور اللبناني على احترام الملكيات الخاصة التي يتطلب الدخول اليها الحصول على موافقات مسبقة ومواكبة من السلطات اللبنانية المختصة، واذ أشدد على ان الحفاظ على الاستقرار في الجنوب يبقى من مسؤولية الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني، أشير الى تقديم الجيش كل التسهيلات اللازمة لليونيفيل وفق ما تطلبه من أجل حسن تنفيذ مهامها.
أما بالنسبة الى الحوادث المحدودة التي وقعت بين مجموعات من قوات اليونيفيل وعدد من المواطنين في بعض القرى فإنها لا تعكس أي مناخ سلبي ضد قوات اليونيفيل حيث تبقى نسبة هذه الحوادث ضئيلة جدا (0.03 %) وأسبابها معروفة، وبالإمكان تفادي حصول المزيد منها عبر تعزيز التعاون بين القوة الدولية والجيش اللبناني، واحترام آليات التنسيق والارتباط بينهما.
أصحاب السعادة، تتعاظم اليوم الحاجة الى استمرار مهمة اليونيفيل لمؤازرة الجيش اللبناني الذي ينفذ مهامه على كامل الأراضي اللبنانية في الظروف الدقيقة التي يجتازها الوطن حاليا والأزمات العديدة التي تعصف به من الأزمة الاقتصادية والمالية غير المسبوقة، وجائحة فيروس كورونا المستجد، واستمرار الخطر الارهابي في المنطقة، وأزمة النزوح السوري، الى أزمة اللجوء الفلسطيني.
واذ يأمل لبنان أن يتمكن قريبا من استعادة مزارع شبعا وشمالي بلدة الغجر، والتوصل الى حل لنقاط الخط الأزرق التي يتحفظ عليها، وترسيم الحدود البحرية، فانه يتمسك حاليا بقوات اليونيفيل والدور الايجابي الذي تلعبه. وفي هذا الاطار، اتخذ مجلس الوزراء في جلسته التي انعقدت نهار الجمعة 29 أيار الفائت قرارا بالتوجه الى مجلس الأمن بطلب تمديد مهمتها لسنة اضافية اعتبارا من 31 آب 2020 من دون تعديل لولايتها ومفهوم عملياتها وقواعد الاشتباك الخاصة بها تمكينا لها من الاستمرار في القيام بدورها الحيوي والذي هو حاجة اقليمية لا بل دولية.
في الختام، أعرب عن تقدير لبنان لجهود الأمم المتحدة والدول الصديقة ولقوات اليونيفيل قيادة وأفرادا، وعن التزامه بالقرار 1701 وباستمرار الهدوء والاستقرار في الجنوب، وأؤكد أن تمسكنا بالقوات الدولية وبأهمية دورها لا يفوقه سوى تشبثنا بالحريات العامة التي كرسها دستورنا وبسيادة لبنان التامة على كامل أراضيه ومياهه وأجوائه".